Telegram Group & Telegram Channel
فإذا أوتيت علماً وأوتيت معرفة ونلت ثقافة، لا تشعر بالزهو والتيه والرفعة والعلو، بل قل:
*اللهم آتِ نفسي تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها*.

ومن مظاهر الكبر عند المثقف والعالم، وهي من الآفات والطامات، وهي أنه يحب أن يعظمه الناس ويوقروه وينادوه بالألقاب التي تليق به، فإذا خوطب أو وجه إليه كتاب مثلاً، ينبغي أن يقال: إلى فضيلة فلان، أو معالي فلان، إلى ما هنالك مما يعرفه الناس.
وإن حاز مثلاً على شهادة الدكتوراه، لا يرضى أن يدعى سوى بلقب دكتور، فإن أخلَّ بهذا أحد حنق عليه، وإن لم يُظهر امتعاضه أسرَّه في نفسه، بعضهم بعد أن نال شهادة الدكتوراه قال له صاحبه: يا أبا فلان، فقال له: رجاءً مناداتي دكتور فلان، أرأيتم كيف دخل الكبر إليه من خلال هذه الشهادة؟!!.

تعالوا بنا إلى الأسوة الحسنة، إلى قدوتنا العظيمة سيدنا محمد ﷺ، وهو في أعلى ذرا الإنسانية، والله تعالى سيعطيه يوم القيامة الوسيلة أرفع درجة في الجنة، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن رجلاً جاء إليه فقال له: يا خير البرية، فقال له النبي ﷺ: ذاك إبراهيم.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: يقوله احتراماً لإبراهيم وخلته وأبوَّته.

وقلنا سابقاً أن النبيﷺ وهو في أعلى ذرا الإنسانية، قال: *لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى*، وقال عليه الصلاة والسلام: *من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب*.
وهو الذي قال ﷺ:
*لا تطروني، كما أطرت النصارى عيسى بن مريم*، هذه هي القدوة العظيمة.

ثم أن تيه الإنسان من العلم وإعجابه به وحرصه على أن يُعظمه الناس في ذلك يدل على أنه لم ينل من العلم إلا القليل، لأن قليل العلم يوصل إلى هذا الجهل، قال الإمام الماوردي في كتابه النفيس "أدب الدنيا والدين": قلَّما تجد بالعلم معجباً وبما أدركه منه مفتخراً، إلا من كان فيه مُقلاً ومقصراً، لأنه قد يجهل قدره ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره، ثم ذكر الماوردي قول للشعبي:
*العلم ثلاثة أشبار، فمن دخل بالشبر الأول تكبَّر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه لا يعلم*
وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
* كُلَّما أَدَّبَني الدَّهرُ -- أَراني نَقصَ عَقلي وَ إذا ما ازدَدتُ عِلماً -- زادَني عِلماً بِجَهلي*
فالعلم بحرٌ لا ساحل له ومهما حصَّل من العلم لا يحصِّل إلا القليل، قال الإمام المارودي رحمه الله تعالى بعد ما ذكر قول الإمام الشعبي:
ومما أنذرك(أعلمك) به من حالي أنني صنفت في البيوع كتاباً جمعت فيه ما استطعت، وأجهدت فيه نفسي حتى تهذَّب واستكمل، وكدت أُعجب به وتصورت أنني أشد الناس اطلاعاً بعلمه، إذ حضر في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيعٍ عقداه في البادية على شروط تضمنت أربعة مسائل، لم أعرف لواحدة منهن جواباً، فأطرقت مفكراً بحالي وحالهما معتبراً، فقالا: ما عندك فيما سألنا جواب؟؟!!، قلت: لا، قالا: واهاً لك(يا حسرة عليك) وانصرفا، فعرف الإمام الماوردي بأن الإعجاب بما توصل إليه المرء من علمٍ خطأً عظيم ، لأنه كما قال تعالى:
*وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ*.

ومن مظاهر الكبر لعالم أو المثقف أو المختص، وهي من الآفات والطامات، بأنه لا يتواضع على طلاب العلم ولا يتودد إليهم أصلاً، بل يزهو عليهم بما لديه من درجات علمية و شهادات عالية رفيعة، قد يكون هذا المختص يحمل مثلاً شهادة البورد في اختصاصه، فيشمخ بأنفه على الطلاب ويزهو عليهم مما يؤدي إلى أمر خطير، وهو أنه لا يقدم للطلاب ما يستحقونه من المعرفة والفوائد العلمية، ولا يُبسِّطُ إليهم المسائل ليفهموها، بل قد يتعمد الغموض في الحديث باستعمال مصطلحات غريبة وعبارات غامضة ليُشعر الطلاب بعلوِّ كعبه في العلم، ولو رجع إلى القدوة العظمى والأسوة الحسنة إلى سيدنا محمد ﷺ لعرف كيف ينبغي أن يفعل، النبي عليه الصلاة والسلام كان سيد العلماء، بل منه نهل العلماء كل هذه العلوم والمعارف الغزيرة هو الذي قال الله تعالى له:
*وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا*
وقال الله تعالى له:
*وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*
والتعبير بالجناح تعبير رائع، لأن الجناح به يُحلِّق الطائر وهنا من باب التشبيه والاستعارة، الجناح هو سبب العلو والتحليق، فالله سبحانه وتعالى يقول له: ما هو سبب العلو والتحليق، اخفضه لمن اتبعك من المؤمنين، فعلمهم وأرشدهم وبيِّن لهم الحق، وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام على أعظم وجه وأحلى صورة، فروى الإمام مسلم في صحيحه(876) عن أبي رفاعة العدوي رضي الله تعالى عنه قال:
* انتهيت إلى النبي ﷺ وهو يخطب فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، يقول أبو رفاعة: فأقبل عليَّ رسول الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأوتي بكرسيٍ حسبت قواعده حديداً فقعد عليه رسول الله ﷺ وجعل يُعلِّمني مما علمه الله تعالى، ثم أتى خطبته فأتمَّ آخرها*



tg-me.com/NaeemEreksosi/953
Create:
Last Update:

فإذا أوتيت علماً وأوتيت معرفة ونلت ثقافة، لا تشعر بالزهو والتيه والرفعة والعلو، بل قل:
*اللهم آتِ نفسي تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها*.

ومن مظاهر الكبر عند المثقف والعالم، وهي من الآفات والطامات، وهي أنه يحب أن يعظمه الناس ويوقروه وينادوه بالألقاب التي تليق به، فإذا خوطب أو وجه إليه كتاب مثلاً، ينبغي أن يقال: إلى فضيلة فلان، أو معالي فلان، إلى ما هنالك مما يعرفه الناس.
وإن حاز مثلاً على شهادة الدكتوراه، لا يرضى أن يدعى سوى بلقب دكتور، فإن أخلَّ بهذا أحد حنق عليه، وإن لم يُظهر امتعاضه أسرَّه في نفسه، بعضهم بعد أن نال شهادة الدكتوراه قال له صاحبه: يا أبا فلان، فقال له: رجاءً مناداتي دكتور فلان، أرأيتم كيف دخل الكبر إليه من خلال هذه الشهادة؟!!.

تعالوا بنا إلى الأسوة الحسنة، إلى قدوتنا العظيمة سيدنا محمد ﷺ، وهو في أعلى ذرا الإنسانية، والله تعالى سيعطيه يوم القيامة الوسيلة أرفع درجة في الجنة، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه أن رجلاً جاء إليه فقال له: يا خير البرية، فقال له النبي ﷺ: ذاك إبراهيم.
يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: يقوله احتراماً لإبراهيم وخلته وأبوَّته.

وقلنا سابقاً أن النبيﷺ وهو في أعلى ذرا الإنسانية، قال: *لا ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى*، وقال عليه الصلاة والسلام: *من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب*.
وهو الذي قال ﷺ:
*لا تطروني، كما أطرت النصارى عيسى بن مريم*، هذه هي القدوة العظيمة.

ثم أن تيه الإنسان من العلم وإعجابه به وحرصه على أن يُعظمه الناس في ذلك يدل على أنه لم ينل من العلم إلا القليل، لأن قليل العلم يوصل إلى هذا الجهل، قال الإمام الماوردي في كتابه النفيس "أدب الدنيا والدين": قلَّما تجد بالعلم معجباً وبما أدركه منه مفتخراً، إلا من كان فيه مُقلاً ومقصراً، لأنه قد يجهل قدره ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره، ثم ذكر الماوردي قول للشعبي:
*العلم ثلاثة أشبار، فمن دخل بالشبر الأول تكبَّر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه لا يعلم*
وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
* كُلَّما أَدَّبَني الدَّهرُ -- أَراني نَقصَ عَقلي وَ إذا ما ازدَدتُ عِلماً -- زادَني عِلماً بِجَهلي*
فالعلم بحرٌ لا ساحل له ومهما حصَّل من العلم لا يحصِّل إلا القليل، قال الإمام المارودي رحمه الله تعالى بعد ما ذكر قول الإمام الشعبي:
ومما أنذرك(أعلمك) به من حالي أنني صنفت في البيوع كتاباً جمعت فيه ما استطعت، وأجهدت فيه نفسي حتى تهذَّب واستكمل، وكدت أُعجب به وتصورت أنني أشد الناس اطلاعاً بعلمه، إذ حضر في مجلسي أعرابيان فسألاني عن بيعٍ عقداه في البادية على شروط تضمنت أربعة مسائل، لم أعرف لواحدة منهن جواباً، فأطرقت مفكراً بحالي وحالهما معتبراً، فقالا: ما عندك فيما سألنا جواب؟؟!!، قلت: لا، قالا: واهاً لك(يا حسرة عليك) وانصرفا، فعرف الإمام الماوردي بأن الإعجاب بما توصل إليه المرء من علمٍ خطأً عظيم ، لأنه كما قال تعالى:
*وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ*.

ومن مظاهر الكبر لعالم أو المثقف أو المختص، وهي من الآفات والطامات، بأنه لا يتواضع على طلاب العلم ولا يتودد إليهم أصلاً، بل يزهو عليهم بما لديه من درجات علمية و شهادات عالية رفيعة، قد يكون هذا المختص يحمل مثلاً شهادة البورد في اختصاصه، فيشمخ بأنفه على الطلاب ويزهو عليهم مما يؤدي إلى أمر خطير، وهو أنه لا يقدم للطلاب ما يستحقونه من المعرفة والفوائد العلمية، ولا يُبسِّطُ إليهم المسائل ليفهموها، بل قد يتعمد الغموض في الحديث باستعمال مصطلحات غريبة وعبارات غامضة ليُشعر الطلاب بعلوِّ كعبه في العلم، ولو رجع إلى القدوة العظمى والأسوة الحسنة إلى سيدنا محمد ﷺ لعرف كيف ينبغي أن يفعل، النبي عليه الصلاة والسلام كان سيد العلماء، بل منه نهل العلماء كل هذه العلوم والمعارف الغزيرة هو الذي قال الله تعالى له:
*وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا*
وقال الله تعالى له:
*وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*
والتعبير بالجناح تعبير رائع، لأن الجناح به يُحلِّق الطائر وهنا من باب التشبيه والاستعارة، الجناح هو سبب العلو والتحليق، فالله سبحانه وتعالى يقول له: ما هو سبب العلو والتحليق، اخفضه لمن اتبعك من المؤمنين، فعلمهم وأرشدهم وبيِّن لهم الحق، وهذا ما فعله النبي عليه الصلاة والسلام على أعظم وجه وأحلى صورة، فروى الإمام مسلم في صحيحه(876) عن أبي رفاعة العدوي رضي الله تعالى عنه قال:
* انتهيت إلى النبي ﷺ وهو يخطب فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدري ما دينه، يقول أبو رفاعة: فأقبل عليَّ رسول الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إليَّ، فأوتي بكرسيٍ حسبت قواعده حديداً فقعد عليه رسول الله ﷺ وجعل يُعلِّمني مما علمه الله تعالى، ثم أتى خطبته فأتمَّ آخرها*

BY 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘


Warning: Undefined variable $i in /var/www/tg-me/post.php on line 283

Share with your friend now:
tg-me.com/NaeemEreksosi/953

View MORE
Open in Telegram


دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق Telegram | DID YOU KNOW?

Date: |

Traders also expressed uncertainty about the situation with China Evergrande, as the indebted property company has not provided clarification about a key interest payment.In economic news, the Commerce Department reported an unexpected increase in U.S. new home sales in August.Crude oil prices climbed Friday and front-month WTI oil futures contracts saw gains for a fifth straight week amid tighter supplies. West Texas Intermediate Crude oil futures for November rose $0.68 or 0.9 percent at 73.98 a barrel. WTI Crude futures gained 2.8 percent for the week.

To pay the bills, Mr. Durov is issuing investors $1 billion to $1.5 billion of company debt, with the promise of discounted equity if the company eventually goes public, the people briefed on the plans said. He has also announced plans to start selling ads in public Telegram channels as soon as later this year, as well as offering other premium services for businesses and users.

دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق from us


Telegram 🌒دروس جلسات الصفا في جامع الإيمان بدمشق 🌘
FROM USA